الدين القيم - الحلقة 16
صفحة 1 من اصل 1
الدين القيم - الحلقة 16
=black[color=red]]لحلقة 16:
توقفنا في اللقاء السابق بسؤال عن قول الحق تبارك وتعالى (لا تدركه الأبصار) وسألنا لماذا لا تدركه الأبصار؟ للإجابة عن هذا السؤال يجب أن نتدبر بطريقة أخرى هذه الآية التي أنعم الله تعالى بها علينا في مسألة العقيدة. إذا نظرنا إلى قوله تعالى (لا تدركه الأبصار) نجد فناً لغوياً بلاغياً يعرفه أهل البلاغة واللغة إسمه الإحتراس الذي يحدث إذا ظنّ بقولٍ أمراً لا وجود له ولا أساس له، (لا تدركه الأبصار) كلمة قد يُظن بها من غير الفاهمين عدم وجود الله تبارك وتعالى فيقول سبحانه وتعالى (وهو يدرك الأبصار) إذن (وهو يدرك الأبصار) تعطي إحتراساً من اللفظة الأولى وتؤكد وجود الله تبارك وتعالى (وهو يدرك الأبصار) تثبت أنه واجب الوجود. ثم تأتي (اللطيف الخبير) لتؤكد معاني ثانية اللطيف تؤكد لا تدركه الأبصار والخبير تؤكد )وهو يدرك الأبصار) لكن المعنى الكلي للآية يدل على أمرين غاية في الأهمية أولاً (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار) يعني لله وجود يختلف عن وجود كل ما تدركه الأبصار، (وهو يدرك الأبصار) تؤكد وجود الله تبارك وتعالى وتؤكد أنه الخبير لكن إذا فكرنا قليلاً (لا يدركه وهو يدرك) إذن وجود الله تبارك وتعالى يختلف عن وجود كل ما تدركه الأبصار، إذن له وجود خاص به، وجود أسسه الله تبارك وتعالى بالغيب، لماذا لا تدركه الأبصار؟ لأنك لو أدركت الله تبارك وتعالى حاشاه لأحطت به فإذا أحطت به قدَرت عليه وهذا يستحيل في حق الإله الحق. أنت إذا بصرت الجبل وهو أقوى الخلق فرأيته تقدر عليه وهناك من تسلق الجبل الشاهق، إذن الرؤية والإدراك يعطيا معنى الإحاطة والقدرة فمن يقدر على الإله الحق هذا يستحيل، لذلك لا تدركه الأبصار أما هو سبحانه فيحيط ويدرك كل الأبصار وكل المبصرين ومن ثم فالآية عظيمة في قضية الإعتقاد أعني كنه الإله الحق، هو قد يُرى يوم القيامة بتغيير فيزيولوجي كامل فينا، قد يُرى ونحن نؤيد الفريق اللغوي الذين قالوا أنه يُرى ولا يُدرك، وإلا فما معنى قوله تعالى (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظره)؟ ناظرة لتراه لكن لا تدركه لأن القاعدة في القرآن لا تدركه الأبصار. لكن يبقى أن نفهم مسألة كُنه الإدراك أن تدرك أمراً أو شيئاً فقد قدرت عليه فهل يستطيع مخلوق لله تبارك وتعالى أن يدرك الخالق الأعظم سبحانه وتعالى؟ أنت أحياناً لا تدرك بعض خلق الله، فأنت لا تردك الهواء فإذا كنت عجزت بخلقتك التي خلقك الله عليها أن تدرك بعض خلق الله فما بالك بالخالق الأعظم؟ أنت بخلقتك هذه عجزت أن تدرك كل خلق الله أنت لا تدرك الهواء وأمور كثيرة لا تدركها ببصرك إنما قد تدركها ببصيرتك،أنت تدرك لهواء ببصيرتك لكنك لا تراه، لا تدركه إدرك الإحاطة وهذا من خلق الله تعالى فما بالك بالخالق الأعظم؟! ومن ثم فالآية قاعدة في اعتقاد كنه الإله الحق (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير). إذن يجب أن تكون عقيدة المؤمن الموحد المتقي المحسن لله رب العالمين أن تكون هذه العقيدة على مراد الله بقوله في مطلع البقرة (الذين يؤمنون بالغيب) والله تعالى على رأس الغيب. فالله غيب والملائكة غيب والجن غيب والجنة غيب والنار غيب واليوم الآخر غيب لكن يجب بإيمانك بالله تبارك وتعالى أن تؤمن باليوم الآخر وقالها r أن تؤمن بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر، بعض الكتب غيب اليوم أين التوراة والإنجيل المنزلين من السماء؟ لا وجود لهما. يجب أن تؤمن بكل ما قدره الله تبارك وتعالى وقرره في كتابه ولذلك من كنه الإيمان أن تؤمن أنه لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار. وبالنسبة لقضية الرؤية بالنسبة لكثيرين غيب وهذا مطلب كان لبني إسرائيل ثم لموسى u. ساعة سأل موسى الله تبارك وتعالى أن يراه، ماذا قال موسى u أولاً؟ انظروا إلى طلب موسى أن يرى الله، هل قال يا رب أريد أن أراك بذاتي؟ كلا وإنما قال (رب أرني أنظر إليك) وسبق أن ذكرنا في الإسراء (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى لنريه من آياتنا) إذن الرؤية التي سيقوم بها الرسول r ستتم بإراءة الله له أي سيحصل ما يجعل الرسول r يرى، هذه الرؤية ليست بذاتية الرسول r وإنما بإراءة الله تعالى له (لنريه من آياتنا). في سورة النجم قال تعالى (لقد رأى من آيات ربه الكبرى) إذن التغيير الفيزيولوجي قد حدث لذلك رأى الرسول r في المعراج لكن في بداية الرحلة قال (لنريه) إذن فرق بين الرؤية والإراءة وموسى u قال (رب أرني أنظر إليك) لكن لماذا كان الطلب بهذه الصيغة؟
الآيات البينات في كتاب الله تعالى الذي أنزله تعالى على رسوله r يسهل لنا بها الفهم ويؤيد سبحانه وتعالى من أراد أن يتدبر كلام الله بكل سبل التأييد. موسى ساعة طلب الرؤية قال (رب أرني أنظر إليك) لكن تكون الرؤية بذاتية موسى ولذلك قال (أرني أنظر إليك)، إجعلني أراك لأنك أقوى وأكبر من أن أراك. وتحقق مراد موسى في الطلب ولكن في رؤية الجبل لرب العالمين. موسى يريد الرؤية والله لم يرد على موسى بالرفض مطلقاً فلم يقل أنا لن أُرى وإنما قال لموسى لن تراني أنت. إذن المسألة في قدرة موسى الآن (ولكن انظر إلى الجبل) إذا نظرت للجبل بالتدبر، إذا تدبرت أمر الجبل فهو من أقوى خلق الله فالله تعالى لما رفض لموسى الطلب رفضه لقدرة موسى المحدودة في ذاك الحين لأنه إذا كنا نحن نتمنى رؤية الله يوم القيامة فمن باب أولى الأنبياء والمرسلين. نحن نتكلم عن طلب موسى أن يرى الله على الأرض ولما رفض الله تعالى هذا الطلب قال لموسى انظر إلى الجبل وهو أقوى منك يا موسى فإن استقر مكانه أي ساعة يراني فستسطيع أنت أن تراني وهذا مستحيل، فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاً أي على مستوى الأرض لا بروز على سطح الأرض بأي ارتفاع من قدرة التجلي فالله أقوى من أن يُرى، من أن يُدرك في الدنيا. قد يُرى في الآخرة هذا موضوع آخر. (فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاً وخر موسى صعقا) ومن قوة (دكا) خر موسى صعقاً، يا موسى أنت صعقت برؤية الذي رآني فما بالك برؤية الله؟ الذي حصل لموسى فخر صعقاً كان بفعل تجلي المولى سبحانه وتعالى للجبل من هنا كان رأي البعض أن الله تبارك وتعالى يُرى لبعض خلقه يتحمل لأوة لا يتحمل هذه مسألة ثانية. لكن ما معنى قوله تعالى (فلما تجلى ربه للجبل)؟ إذن يمكن لبعض خلق الله رؤية الله تبارك وتعالى لكن إدراكه هذا مستحيل لا في الدنيا ولا في الآخرة لكن في الآخرة قد يُرى لكنه لا يُدرك. وساعة تجلى تعالى للجبل لم يتحمل الجبل الذي هو أقوى من موسى مرات ،فلما تجلى ربه أي رب موسى الذي طلب رؤيته وهذا مستحيل لأن قدرتك يا موسى لا تسع رؤية الله تبارك وتعالى، فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاً، شاهدنا أن الجبل رآه مع أنه لم يتحمل إذن من الممكن رؤية الله تبارك وتعالى وأن الله تعالى يصنع فينا يوم القيامة ما يجعلنا نطيق رؤيته فإذا أطقنا فهذا فضل من الله تبارك وتعالى ونحن نتمسك ونطمع في قوله تعالى (وجوه ومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة). والآيات مبدعة في مسألة لماذا لا يُدرك؟ ووضحنا لماذا لا يدرك لأن الإدراك معناه الإحاطة والإحاطة معناها القدرة فهل نقدر نحن على الله؟ لو أن هذا ممكناً ما ساتحق حاشاه أن يُعبد، لكن إستحقاقه للعبودية لأن خلقه لا يقدرون عليه والقدرة تبنى على الإدراك. إذن لا يدرك لأنه لا يحاط ولا نقدر عليه ومن باب أولى فهو الغيب سبحانه وتعالى فإذا أردنا أن نؤكد هذه الحقائق القرآنية أنك لن تراه في الدنيا أبداً ببصرك وإنما يمكن أن تراه ببصيرتك البصيرة التي جمعها الله تعالى قرآناً (قد جاءكم بصائر من ربكم) البصيرة التي ترى أنت بها الله ليست ذاتية منك وإنما من الله تبارك وتعالى، (فمن أبصر) ليس بالنظر وإنما بالقلب (فلنفسه) (ومن عمي فعليها). قد جائكم بصائر أي قد جاءتكم آيات بينات واضحات لا تحتاج إلى عمق فكر مع أنها تحتاج لعمق تدبر وهي آيات واضحة ولم يدعي أحد الخلق إذن هو الله ومن ثمّ (فمن أبصر فلنسفه) (ومن عمي) ببصيرته لا ببصره أو قل عمى ببصره في إدراك البصيرة (ومن عمي فعليها). والتوقيع في منتهى الإبداع (وما أنا عليكم بحفيظ). محمد r رسول والقرآن واضح (وما على الرسول إلا البلاغ) يعني هو يبلغنا الرسالة سواء آمنا أو كفرنا أو أشركنا فهذا شأننا (فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنا عليكم بحفيظ) اللهم صل على هذا النبي الأمين اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، جاءنا بالحق أرسله الله تبارك وتعالى بالهدى والدين الحق ليظهره على الدين كله وأمره تعالى (فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم) وعلمنا تعالى (بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم فمن يهدي من أضل الله) وعلمنا (وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه) ولعلّ (هو) هنا هي التس ساقتنا إلى تدبر آيات الإدراك والرؤية. أسأل الله تعالى أن يجلي لنا القرآن ويجعلنا ممن يقرأه بتدبر يتدبرونه ليفهموه وليعملوا به ولتكون الوقفة أمام الله يوم القيامة على الوجه الذي يرضيه عنا.
من موقع اسلاميات
توقفنا في اللقاء السابق بسؤال عن قول الحق تبارك وتعالى (لا تدركه الأبصار) وسألنا لماذا لا تدركه الأبصار؟ للإجابة عن هذا السؤال يجب أن نتدبر بطريقة أخرى هذه الآية التي أنعم الله تعالى بها علينا في مسألة العقيدة. إذا نظرنا إلى قوله تعالى (لا تدركه الأبصار) نجد فناً لغوياً بلاغياً يعرفه أهل البلاغة واللغة إسمه الإحتراس الذي يحدث إذا ظنّ بقولٍ أمراً لا وجود له ولا أساس له، (لا تدركه الأبصار) كلمة قد يُظن بها من غير الفاهمين عدم وجود الله تبارك وتعالى فيقول سبحانه وتعالى (وهو يدرك الأبصار) إذن (وهو يدرك الأبصار) تعطي إحتراساً من اللفظة الأولى وتؤكد وجود الله تبارك وتعالى (وهو يدرك الأبصار) تثبت أنه واجب الوجود. ثم تأتي (اللطيف الخبير) لتؤكد معاني ثانية اللطيف تؤكد لا تدركه الأبصار والخبير تؤكد )وهو يدرك الأبصار) لكن المعنى الكلي للآية يدل على أمرين غاية في الأهمية أولاً (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار) يعني لله وجود يختلف عن وجود كل ما تدركه الأبصار، (وهو يدرك الأبصار) تؤكد وجود الله تبارك وتعالى وتؤكد أنه الخبير لكن إذا فكرنا قليلاً (لا يدركه وهو يدرك) إذن وجود الله تبارك وتعالى يختلف عن وجود كل ما تدركه الأبصار، إذن له وجود خاص به، وجود أسسه الله تبارك وتعالى بالغيب، لماذا لا تدركه الأبصار؟ لأنك لو أدركت الله تبارك وتعالى حاشاه لأحطت به فإذا أحطت به قدَرت عليه وهذا يستحيل في حق الإله الحق. أنت إذا بصرت الجبل وهو أقوى الخلق فرأيته تقدر عليه وهناك من تسلق الجبل الشاهق، إذن الرؤية والإدراك يعطيا معنى الإحاطة والقدرة فمن يقدر على الإله الحق هذا يستحيل، لذلك لا تدركه الأبصار أما هو سبحانه فيحيط ويدرك كل الأبصار وكل المبصرين ومن ثم فالآية عظيمة في قضية الإعتقاد أعني كنه الإله الحق، هو قد يُرى يوم القيامة بتغيير فيزيولوجي كامل فينا، قد يُرى ونحن نؤيد الفريق اللغوي الذين قالوا أنه يُرى ولا يُدرك، وإلا فما معنى قوله تعالى (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظره)؟ ناظرة لتراه لكن لا تدركه لأن القاعدة في القرآن لا تدركه الأبصار. لكن يبقى أن نفهم مسألة كُنه الإدراك أن تدرك أمراً أو شيئاً فقد قدرت عليه فهل يستطيع مخلوق لله تبارك وتعالى أن يدرك الخالق الأعظم سبحانه وتعالى؟ أنت أحياناً لا تدرك بعض خلق الله، فأنت لا تردك الهواء فإذا كنت عجزت بخلقتك التي خلقك الله عليها أن تدرك بعض خلق الله فما بالك بالخالق الأعظم؟ أنت بخلقتك هذه عجزت أن تدرك كل خلق الله أنت لا تدرك الهواء وأمور كثيرة لا تدركها ببصرك إنما قد تدركها ببصيرتك،أنت تدرك لهواء ببصيرتك لكنك لا تراه، لا تدركه إدرك الإحاطة وهذا من خلق الله تعالى فما بالك بالخالق الأعظم؟! ومن ثم فالآية قاعدة في اعتقاد كنه الإله الحق (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير). إذن يجب أن تكون عقيدة المؤمن الموحد المتقي المحسن لله رب العالمين أن تكون هذه العقيدة على مراد الله بقوله في مطلع البقرة (الذين يؤمنون بالغيب) والله تعالى على رأس الغيب. فالله غيب والملائكة غيب والجن غيب والجنة غيب والنار غيب واليوم الآخر غيب لكن يجب بإيمانك بالله تبارك وتعالى أن تؤمن باليوم الآخر وقالها r أن تؤمن بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر، بعض الكتب غيب اليوم أين التوراة والإنجيل المنزلين من السماء؟ لا وجود لهما. يجب أن تؤمن بكل ما قدره الله تبارك وتعالى وقرره في كتابه ولذلك من كنه الإيمان أن تؤمن أنه لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار. وبالنسبة لقضية الرؤية بالنسبة لكثيرين غيب وهذا مطلب كان لبني إسرائيل ثم لموسى u. ساعة سأل موسى الله تبارك وتعالى أن يراه، ماذا قال موسى u أولاً؟ انظروا إلى طلب موسى أن يرى الله، هل قال يا رب أريد أن أراك بذاتي؟ كلا وإنما قال (رب أرني أنظر إليك) وسبق أن ذكرنا في الإسراء (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى لنريه من آياتنا) إذن الرؤية التي سيقوم بها الرسول r ستتم بإراءة الله له أي سيحصل ما يجعل الرسول r يرى، هذه الرؤية ليست بذاتية الرسول r وإنما بإراءة الله تعالى له (لنريه من آياتنا). في سورة النجم قال تعالى (لقد رأى من آيات ربه الكبرى) إذن التغيير الفيزيولوجي قد حدث لذلك رأى الرسول r في المعراج لكن في بداية الرحلة قال (لنريه) إذن فرق بين الرؤية والإراءة وموسى u قال (رب أرني أنظر إليك) لكن لماذا كان الطلب بهذه الصيغة؟
الآيات البينات في كتاب الله تعالى الذي أنزله تعالى على رسوله r يسهل لنا بها الفهم ويؤيد سبحانه وتعالى من أراد أن يتدبر كلام الله بكل سبل التأييد. موسى ساعة طلب الرؤية قال (رب أرني أنظر إليك) لكن تكون الرؤية بذاتية موسى ولذلك قال (أرني أنظر إليك)، إجعلني أراك لأنك أقوى وأكبر من أن أراك. وتحقق مراد موسى في الطلب ولكن في رؤية الجبل لرب العالمين. موسى يريد الرؤية والله لم يرد على موسى بالرفض مطلقاً فلم يقل أنا لن أُرى وإنما قال لموسى لن تراني أنت. إذن المسألة في قدرة موسى الآن (ولكن انظر إلى الجبل) إذا نظرت للجبل بالتدبر، إذا تدبرت أمر الجبل فهو من أقوى خلق الله فالله تعالى لما رفض لموسى الطلب رفضه لقدرة موسى المحدودة في ذاك الحين لأنه إذا كنا نحن نتمنى رؤية الله يوم القيامة فمن باب أولى الأنبياء والمرسلين. نحن نتكلم عن طلب موسى أن يرى الله على الأرض ولما رفض الله تعالى هذا الطلب قال لموسى انظر إلى الجبل وهو أقوى منك يا موسى فإن استقر مكانه أي ساعة يراني فستسطيع أنت أن تراني وهذا مستحيل، فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاً أي على مستوى الأرض لا بروز على سطح الأرض بأي ارتفاع من قدرة التجلي فالله أقوى من أن يُرى، من أن يُدرك في الدنيا. قد يُرى في الآخرة هذا موضوع آخر. (فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاً وخر موسى صعقا) ومن قوة (دكا) خر موسى صعقاً، يا موسى أنت صعقت برؤية الذي رآني فما بالك برؤية الله؟ الذي حصل لموسى فخر صعقاً كان بفعل تجلي المولى سبحانه وتعالى للجبل من هنا كان رأي البعض أن الله تبارك وتعالى يُرى لبعض خلقه يتحمل لأوة لا يتحمل هذه مسألة ثانية. لكن ما معنى قوله تعالى (فلما تجلى ربه للجبل)؟ إذن يمكن لبعض خلق الله رؤية الله تبارك وتعالى لكن إدراكه هذا مستحيل لا في الدنيا ولا في الآخرة لكن في الآخرة قد يُرى لكنه لا يُدرك. وساعة تجلى تعالى للجبل لم يتحمل الجبل الذي هو أقوى من موسى مرات ،فلما تجلى ربه أي رب موسى الذي طلب رؤيته وهذا مستحيل لأن قدرتك يا موسى لا تسع رؤية الله تبارك وتعالى، فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاً، شاهدنا أن الجبل رآه مع أنه لم يتحمل إذن من الممكن رؤية الله تبارك وتعالى وأن الله تعالى يصنع فينا يوم القيامة ما يجعلنا نطيق رؤيته فإذا أطقنا فهذا فضل من الله تبارك وتعالى ونحن نتمسك ونطمع في قوله تعالى (وجوه ومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة). والآيات مبدعة في مسألة لماذا لا يُدرك؟ ووضحنا لماذا لا يدرك لأن الإدراك معناه الإحاطة والإحاطة معناها القدرة فهل نقدر نحن على الله؟ لو أن هذا ممكناً ما ساتحق حاشاه أن يُعبد، لكن إستحقاقه للعبودية لأن خلقه لا يقدرون عليه والقدرة تبنى على الإدراك. إذن لا يدرك لأنه لا يحاط ولا نقدر عليه ومن باب أولى فهو الغيب سبحانه وتعالى فإذا أردنا أن نؤكد هذه الحقائق القرآنية أنك لن تراه في الدنيا أبداً ببصرك وإنما يمكن أن تراه ببصيرتك البصيرة التي جمعها الله تعالى قرآناً (قد جاءكم بصائر من ربكم) البصيرة التي ترى أنت بها الله ليست ذاتية منك وإنما من الله تبارك وتعالى، (فمن أبصر) ليس بالنظر وإنما بالقلب (فلنفسه) (ومن عمي فعليها). قد جائكم بصائر أي قد جاءتكم آيات بينات واضحات لا تحتاج إلى عمق فكر مع أنها تحتاج لعمق تدبر وهي آيات واضحة ولم يدعي أحد الخلق إذن هو الله ومن ثمّ (فمن أبصر فلنسفه) (ومن عمي) ببصيرته لا ببصره أو قل عمى ببصره في إدراك البصيرة (ومن عمي فعليها). والتوقيع في منتهى الإبداع (وما أنا عليكم بحفيظ). محمد r رسول والقرآن واضح (وما على الرسول إلا البلاغ) يعني هو يبلغنا الرسالة سواء آمنا أو كفرنا أو أشركنا فهذا شأننا (فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنا عليكم بحفيظ) اللهم صل على هذا النبي الأمين اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، جاءنا بالحق أرسله الله تبارك وتعالى بالهدى والدين الحق ليظهره على الدين كله وأمره تعالى (فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم) وعلمنا تعالى (بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم فمن يهدي من أضل الله) وعلمنا (وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه) ولعلّ (هو) هنا هي التس ساقتنا إلى تدبر آيات الإدراك والرؤية. أسأل الله تعالى أن يجلي لنا القرآن ويجعلنا ممن يقرأه بتدبر يتدبرونه ليفهموه وليعملوا به ولتكون الوقفة أمام الله يوم القيامة على الوجه الذي يرضيه عنا.
من موقع اسلاميات
مواضيع مماثلة
» الدين القيم - الحلقة 6 ( آيات توضح معنى الدين القيم )
» الدين القيم - الحلقة 3 ( معنى الدين القيم )
» الدين القيم - الحلقة 7 ( الفرق بين الدين والاديان - التقوى و الاحسان )
» الدين القيم - الحلقة 8 ( الدين هو الأسلام )
» الدين القيم - الحلقة 17
» الدين القيم - الحلقة 3 ( معنى الدين القيم )
» الدين القيم - الحلقة 7 ( الفرق بين الدين والاديان - التقوى و الاحسان )
» الدين القيم - الحلقة 8 ( الدين هو الأسلام )
» الدين القيم - الحلقة 17
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى